(4)...

الجزء الأول
(4)..
-"آآآه، أشعر بألم في ظهري من الجلوس!" قالت لجين و هي تمد يديها الى الأمام و أكملت :" أنه لا يكف من الثرثرة!"

قدمت ليــاء نحوها و جلست بجانبها على احدى الكراسي في الاستراحة العامة التي تعمه معظم طلبة صفهم.أما آية فبقت جالسة على العشب و قد أخرجت شطيرة من الجبن من حقيبتها لتلتهمه ، فبقاء من دون عمل يشعرها بالجوع. مدت ذراعها نحوهما لتسألهما قد ترغبان بأكل شطيرة أيضا و لكنهما لوحا بيدهما نفيا و من ثم عادت آية تكمل شطيرتها.

-" لقد أحببت المعلم حقاً ، يبدو طيب القلب..!" قالت ليــاء و هي تنظر نحو السماء

-" الجميع يظن ذلك يا ليــاء.."

-" أعلم يا لجيـــن ، لكن... يبدو وسيما ! و بغاية الجمال ! كما انه غير متزوج!"

طبقت قطعة الشطيرة في صدر أية من الصدمة بما الذي قد تفكره به ليــاء وحاولت أن تبلعه بسرعة و ضربت صدرها بيدها حتى تتنفس جيدا. و حين انتهت من ذلك بدأت بالضحك بصوت عال و تبعتها لجين بالضحك ايضاً!

-" ما بكما؟! لم أقل شيئا مضحكا..!" قالت ليــاء

تحاول لجين الحديث و لكنها لا تستطيع من شدة الضحك و حتى استطاعت القول :" أتخيل ليــاء مع المعلم..! " و عادت تضحك ثانية دون أن تكمل عبارتها. وقفت آية و هي تضحك وأكملت قول لجين :" صحيــح! كيف يكون هيئتهما و هما يمشيان معاً؟!"

-" لا ..لا .. تخيلي ان ليــاء تذهب إليه و تعترف بإعجابها به؟! " تقول لجين و هي تضحك

شعرت لياء بغضب و قالت لهما:" توقفا عن مضايقتي !!!"

تكمل آية المسرحية التي قد بدأت في مسرح استراحة الجامعة الرقم (3) قائلة و هي تربط كفيها و تحدق نحو السماء:" .سيد عمراااااااان .. أنا معجبــــــــة بك كثييييييييييرا"

لكنها تتوقف عن تمثيل دورها حين أحست ان الهدوء قد عم في المكان ، تخيلات كثيرة قد أرهبها عن هذا الهدوء المفاجأ لكنها فضلت مواجهة مصيرها و أستدارت الى الخلف لترى السيد عمران واقف بجانب كرسي التي تجلسان عليه لجين و لياء اللتان بدتا مذهولتين حقاً! فلقد رأيا المرعب للفيلم " الشجعان الثلاثة".

يقف المعلم مندهشا يحدق بعيني آية دون أن يتفوه بأي كلمة حتى ابتسم بصعوبة قصوى و رحل بصمت مريب. و يسود الصمت حتى تكسره ليــاء بضحكها على آية قائلة :" تخيلوا !.. قد.. يظن المعلم .. عُمران أن آية معجبة به الآن..!"

و انتهى المسرح الفكاهي هنا. " لكن لماذا أتى المعلم هنا فجأة..؟!" سألت آية


***

" لقد تعجبت حقا بوجود فتاة مثلي تحب الرسوم المتحركة؟!" يتحدث إلياس الى نفسه تقريبا، لأن هذه المرة قد شعرا كل من سامي و ليث بالملل من جملته هذه الذي يكررها طوال الوقت..

" لطالما ضحك علي الجميع ، أنني طفل!! لكن .. هناك شخصا آخر يوصف كالطفل أيضا!" ، استدار إلياس نحو ليث و من ثم نحو سامي .." لكن .. من كانت؟!"

غمغم ليث بقوله :" أخيرا أتي بجملة غير مكررة!"

أجاب سامي مبتسما :" تلك الفتاة.. هناك!" و أشار نحو فتاة ذو شعر أسود التي كانت جالسة على العشب و قد كانت تضحك. أبصر إلياس نحوها مسرعا و اقترب أكثر ليراها " هذه هي اذا!!"

-" ما الذي تنوي بفعله الآن؟! تخطفها؟!" قال ليث و رفع قنينة الماء الى فمه ليشرب منها.

-" يبدو ان قلبي قد اختطفها قبلي!" قال إلياس و هو مستمرا بالتحديق إليها.

ابتسم ليث سخرية منه و أما سامي بدا مستغربا منه . و حتى استدار إلياس نحو ليث قائلا:" أخيــــراً ، سأعيش في الحلم! "

لم يكترث ليث بما يقوله إلياس عن الحلم و الفتاة. فهو يكره نفسه حين يفكر بالفتيات و لاسيما حين يتذكر نفسه في مواجهة ما حصل له من قبل، أحب فتاة واحدة ولا يفكر بغيرها مهما مرت به من الظروف. فقد وعد نفسه أنه لا يفكر بغيرها حتى لو كانت آخر فتاة في حياته.

-" هيا بنا ، لقد حان حصة الحاسوب .." قال سامي لليث.

هز ليث رأسه ايجابيا و وقف في مكانه و حمل قنينة الماء و هم بالمشي نحو البوابة. تبعه إلياس و سامي بعد ان حمل كتبه في يده بل الصف كله هم بالذهاب الآن و قد امتلأ الممر بهم.

فقد كان إلياس متحمسا جدا ، يمشي في الطريق و هو يقفز و يضحك بصوت عال بأحاديثه. حتى تزاحم جميع الطلبة في الممر حتى وجد إلياس آية تمشي أمامه مع صديقتيها عن قرب منهم. بدأ بمراقبتها خطوة بخطوة و كل حركة صغيرة لها. لفتت ليــاء الى اليسار فانتبهت بإلياس الذي لم يغير اتجاه عينيه عن آيــة و سرعان ما لاحظ إلياساً أن ليــاء تنظر نحوه. ادعى انه ينظر الى اتجاه آخر حتى رأى المعلم عمران بين الطلبة يحدث احدى المعلمين و في يده أوراق عدة، ناد به بصوت عال و بدأ يلوح له بابتسامة كبيرة ليبرأ نفسه أنه لا يحدق الى آية.

ارتبكت آية حين سماعها احدى الطلبة ينادي باسم المعلم عمران و بحثت عنه بأرجاء المكان و رأته يبتسم للطلبة. انتبه المعلم عمران بوجود آية و حدق نحوها بارتباك حتى اخفضت آية رأسها و هي تقول في نفسها :" أكره أيامي الدراسية الأولى!"

يتبع ..

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS
Read Comments

(3)..

(3)..
تبع الطلبة الجدد المعلم عمران ،الذين استمتعوا بجلسة صغيرة مع المعلم خارج الصف و دخلا ليث و سامي مع مجموعة من الفتيان الى الصف ومن خلفهما المعلم و إلياس الذي كان يدخل من بعده. و هنا تكاثرت أصوات البنات مديحا و اندهاشاً بجماله و لم تستطع بعض الفتيات إبعاد عينهن عنه على الإطلاق. " يا له من رائع!" ، " كم هو وسيم!" و هذه الجمل قد تسمع من نهاية الصف أيضا. يقف إلياس بجانب السيد عمران ينظر نحو الفتيات بدهشة و بدأ يحك شعره خجلا و توترا و يحدث نفسه بنفسه " لقد قيل لي اني جميل لكن لا تحرجوني هكذا!" و يلوح بيده دون أن يشعر بنفسه. حتى يأتي ليث و يسحبه من يده الى نهاية الصف :" لست أنت بل المعلم عمران!".
حقا! الفتيات معجبات بالمعلم عمران و ليس غيره. و منهن الفتاة بهيئتها الجديدة التي لا تكف عن تحديق به و يبدو أن بعضهن مختلفات حقا! لجين و آية تضعان إصبعيهما في أذنيهما من الضجيج المستمر!يبدو أن ذوقهما مختلف بعض الشيء.
حتى بدأ المعلم الوسيم بالتحية :" صباح الخيــر."
رد الجميع بصوت عال و بكل حماس عدا الفتية ولا ننسى لجين و آية. و ابتسم المعلم كعادته و قد تبين الغمازتين بخديه و حاول أن يبدأ حديثه:" أدعى المعلم عمران ، فهذه سنتي الأولى في التدريس في الجامعة..و لقد كنت متدربا هنا بالسنة الماضية ..." وقف المعلم لبرهة يحدق بالصف، تستمتع الفتيات بالحديث و ينصتن جيداً كأنهن يشاهدن مسلسلا رومانسيا ما بعد العشاء. أكمل المعلم عمران :" كما ترون .. فمازلتم في السنة التأسيسية، فهي من أهم سنوات الدراسية بالجامعية .. حيث تتعلمون جميع المبادئ و الأسس المهمة التي تكون نفعا لكم في السنوات القادمة.."
-" نعم .. نعم..”، -" صحيح... صحيح.." رد الطالبات، أما الطلبة فمعظمهم بدأ يشعر بالنعاس ولا ننسى لجين التي كانت تلعب بهاتفها النقال و آية التي كانت ترسم على دفترها يبدو أننا سنضمهما بين مجموعة الفتية في حصة المعلم عمران.فأخذ المعلم يخرج أوراقه من حقيبته و قال :" كما تعلمون .. لديكم عدة مواد لتتعلموها في هذا الفصل .. الخريف .. الإحصاء و الحساب ، و مبادئ الكمبيوتر .." و قام المعلم يشرح بأدق التفاصيل عن برامج الفصل و المتطلبات حتى انتهى.
و يبدو أن الياس قد استمتع بنوم هادئ جالساً بعيني مفتوحة. و أفاق جيدا عندما قال المعلم بصوت عال:" إذا.. عرفوني بأنفسكم..!". و أشار نحو أول طالب جالس في المقعد الأمامي. رد الطالب بكل سرعة:" السيدات أولا.." ضحكت المعلم ضحكة خفيفة و قال:" اذا هيا يا سيدات المستقبل..!". بدأت الفتيات تحدقن بعضهن البعض و نعيد لجينا و آية الى مجموعتهن و نقول أنهن شعرن بتوتر هذه المرة. و بدأت احدى الفتيات بتعريف نفسها بكل توتر و تبعتها فتاة تلو الآخرى و المعلم يشجهن و يمازحهن أيضا.
حتى وصل الى آخر فتيات الصف ، أجابت الفتاة ذو شعر بني و خصلات ذهبية التي تميز بشرتها الصافية البيضاء و عينيها كلون البحر و بدت بغاية الجمال في نظر المعلم و كذلك الجميع. فأكثر ما يميزها هنا أنفها الذي يتميز بشكل مميز كأنه قد رسم بيد رسام موهوب :" أدعى .. أدعى .. ليـاء.. اممم .. طالبة جديدة .. هواياتي.. اممم .. أحب ان اتصفح في الانترنت ..و أحب تصميم الديكور..و كذلك أحب الموضة و التسوق..".
لم يغب ابتسامة المعلم و أجابها :" أرى أن هذا يناسبك ..". احمرت ليــاء خجلا و غيرت اتجاه بؤبؤيها الى مكان آخر. لم تكلف الفتاة ذو شعر طويل داكن اللون و عينيها اللؤلؤتيان نفسها بالإذن لتعرف نفسها و قالت:" أدعى لجين ، نعم.. هواياتي هي الاهتمام بالمنزل و الطبخ و القراءة.. و أحلم أن أكون زوجة صالحة و ربة منزل ممتازة .." اندهش الجميع بالنظر إليها و تعجب المعلم منها قائلا :" تعجبني الفتاة الصريحة..أرجو ان يتحقق ذلك.."
لم تجبه لجين أبدا و هنا حدق المعلم بعيني آخر فتاة في الصف، التي تميزت بشعرها الأسود التي يميز بشرتها البيضاء و خديها الوردتين و قال لها :" أنتِ يا صغيرة..!"
لا ننسى القول ، زميلات آية في الصف تتذكرن جيدا عندما ضربت آية احدى الفتيه في أنفه حين فقط استمر بمناداتها " أيتها الصغيرة..!". و يا ترى هل ستفعل الشيء نفسه الآن؟
-" أنا آية ، امممم ..هواياتي ..اممم .. أحب التقنية و الألعاب الإلكترونية.. و التصوير و أحب مشاهدة الرسوم المتحركة.." يبدو انها لن تفعل الشي نفسه هذه المرة! ضحك الجميع في الصف حين سمعوا ذلك و بدأت الهمسات بكلمتين المفضلتين لآية:" صغيرة أو طفلة ! ". استمرت آية بالحديث قائلة بكل عزم:" لم أعلم أنني صغيرة قط!" يبدو انها ستفكر بالانتقام يوما ما!.

***
شخص ما يفكر بعمق بكلمتي " الرسوم المتحركة"، هل سيقولها للمعلم أم لا ؟! شخص ذو شعر فاتح اللون و الذي يتميز بقصة شعره الذي يسمى في الموضة " الشعر المدرج: " أدعى إلياس و .. عمري 18 سنة .. أحب تربية القطط.. كما إنني .. أحب التقنية و الألـعـ لا أقصد .. مشاهدة ..... الرسـ ..... لا اقصد البرامج الوثائقية..حلمي أن أكون مهندسا .."
هنا يهمس له ليث قائلا :" الأفلام الوثائقية ها؟!" فليث يعلم مدى كره إلياس لهذه البرامج المملة و يتذكر حين قام برمي جميع أفلام الوثائقية لجده في القمامة بصف العاشر و حرمه جده بالعشاء ذلك اليوم حتى تناول وجبته في منتصف ليل بعد وساطة جدته.
يحين دور ليث ، آخر طالب في الصف و لكن لا يبدو الجميع منتبه فلقد اشعروا بالملل عدا ليــاء و لنقل آية قليلا و احدى الفتيات الجالسات في الأمام. يبدأ ليث بالحديث بعدما مر يده نحو شعره الأسود يصل الى رقبته بتدرج و عيني بنيتين:" أدعى ليث..عمري 18 سنة أحب العمل المشترك.. و أحب التجارة و لدي هوايات متشابهة مثل صديقي إلياس.. كما أني أحب التصوير كثيرا و أحلم أن أكون مصورا عالميا.."
تنشغل الفتيات المستمعات بالتحدث عنه :" اسمعا ! انه يحب التصوير مثلي!" قالت آية
ردت عليها لجين قائلة :" ألا يبدو وسيما؟!"
-" بل غامضا نوعا ما..!" قالت ليــاء و هي سارحة بالتحديق إليه.
نظرا آية و لجين نحوها بدهشة و تعجب. و قاطعهما المعلم حين قال:" أحببت حقا الإصغاء إليكم .. و فخور جدا أن جميعكم يحلم بأشياء يرجوا أن يحققها.."
عم الهدوء في القاعة و أكمل المعلم قوله :" .. بعض منكم قد بدأ بتحقيق حلمه ..و بعضكم ما زال يفكر كيف يبدأ ؟ و منكم على وشك الوصول اليه.. لكن .. هناك شي واحد .. الحلم! ... إذا رأيت نفسك أنك غير قادر على تحقيقه .. أتركه جانبا.. او الحلم الذي تستغله لمصالحك النفسية فقط أرى ان تتركه جانبا أيضا.."
بقي الجميع يستمع إليه بصمت .. ثم تابع المعلم الحديث:" حينما نحقق آمالنا و أحلامنا .. علينا ان نعلم .. كيفية خدمة أمتنا و وطننا بهذا الحلم .. و نعلم غيرنا و نساعد غيرنا في تحقيق آمالهم أيضا.. و ذلك للعمل و الاجتهاد لخدمة هذا الوطن... و هذا العالم بأكلمه .. فالأم .. حين تربي أطفالها بالخير.. فهي تبني أجيالاً.. أجيال الخير لتقتدي بها الأجيال الأخرى.. "

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS
Read Comments