الجزء الثاني (2)

(2) ..
تمشي آيــة بطرقات المدينة و تتساءل نفسها عن سبب تصرف آية و لجين بغرابة. " لا بــأس.. أنا أعلم أن ليــاء و لجين صديقتين مقربتين جدا.. لهذا رفضت ليــاء دعوتي اليوم ، لأن لجين دعتها في الوقت نفسه و بالتـأكيد ستفضل لجين عني..".
أكملت آية طريقها و هي تفكر و تفكر .. " إلى متى سأظل وحيدة هكذا؟!" ..ثم نظرت نحو أحدى الكراسي التي بالحديقة. وامتلأت عينيها بالدموع عندما تذكرت علاء الذي كان يجلس معها دائما بين تلك الكراسي في الحديقة. و بقيت تتأمل به و غرقت في بحر ذكرياتها " لمــاذا فعلت بي هذا؟! لقد علمت أن هناك من أخذك عني؟! من هي يا ترى... سعيدة الحظ؟..".
***
يمر الوقت ، ليــاء و علاء لا يملان من الحديث الطويل. علاء يحكي عن دراسته و مواقفه التي حدثت معه في استراليا و تكمل لياء حديثها أيامها الأولى بالجامعــة وتحاول جاهدة أن لا تتفوه بالمواقف التي بها آية حتى لا تذكر علاء بها. بينما لجين جالسة في أحدى الطاولات بمفردها تستمتع الحديث مع خطيبها في الهاتف.
بعد ان رفعت الأطباق و أحضر لهما الكعك ، اتكأ علاء على ظهر كرسيه و من ثم قال:
-" حبيــبتي .."
-" نعم.. "أجابت ليــاء و هي ترشف جرعة من عصير الفراولة التي تحبه.
-" أنظري خلفك .. نحو ابنة عمك.. تبدو سعيدة جدا؟!" قال علاء مبتسما كعادته.
أدارت ليـاء رأسها الى الخلف لتنظر لجين المتكئة على الكرسي و تلوي شعرها بإصبعها. كأنها في عالم آخر بعيدا عن كل من حولها.
أعادت ليــاء النظر نحو علاء قائلة: " حبيبتي لجين .. أنها لا تكف عن مساعدتي لمقابلتك.."
اقترب علاء نحوها و دقق النظر في عيني لياء اللامعتين بأضواء المطعم. و أمسك بيدي ليــاء التي أحست بحرارة قبضته و دفئه.
" ليتني أستطيع أبقى هكذا.. أمسك بيديك التي تدفئاني من برودة الجو .."
ارتعش جسم لياء من كلمات علاء، و احمرت وجنتيها و حتى حولت نظرها نحو كأس العصير.
أكمل علاء قوله:-" يا لهذا الخدين المحمرتين! "
ضحكت ليــاء خجلا و ضحك علاء من خلفها. قاطعهما رنين هاتف المحمول لليـاء ، القت لياء النظر عليه و ارتجف جسمها خوفا :" أنها أمل!!"
- من الغريب ان تتصل بك؟ هيا ردي عليها..
- لا لن أفعل.. من أفضل أن أغلق النقال..
- لا .. لا تفعلي هذا .. هيا ردي عليها و كوني على ثقة
ترددت ليــاء و الهاتف النقال في يديها اللتان ترتجفان من الخوف.. ضغطت ببطء على زر الرد..
- مر.. مرحبا .. أ.. أم.. أمل..
- أين أنتي يا غبية؟!!
حدقت لياء بخوف نحو عيني علاء .. اشار لها علاء بأن تكمل الحديث..
- في .. في.. مطعم.. البيزا .. مع لجين..
- حسنا اسمعي يا غبية... الأوراق التي سلمتها لوالدي ليست مكملة.. أين أضعت بعضها؟!
- لم أضعها .. لقد .. أعطتني إياها آية كما هي..
ارتبك عـــلاء حين سمع باسم آيــة في شفتي ليــاء ، فعلاء يظن ان ليــاء لا تعلم... بحكايته مع آية..
- لكنها ليست مكملة ..! انه مشروعي الدراسي !! أين أضعتموه؟!
- اتصلي بآية و أساليها... لقد سلمت والدي الأوراق كما أعطتني إياها آية..
و أغلقت أمل السماعة في وجهها من دون أن تقول لها كلمة أخرى..
***
-" كــانت الأوراق مكملة عندما سلمتها للياء.." أجابت آية على أمل بتردد..
- هل أنت متأكدة يا آية؟ لأنها ليست مكملة .. هناك بعض من الأوراق ليست هنا"
- أحقاً؟! لكن .. تذكرت..
- تذكرتي ماذا؟
بقيت آية تفكر لبرهة. و تذكرت انها قد اصطدمت بزميلها في الصف في أسبوع الماضي و أن معظم الأوراق تناثرت على الأرض.
- آيــة .. قولي تذكرتي ماذا؟!
- أمم .. انني ... امم.. قد نسيتها بعضها مع واجباتي الجامعية في الجامعة...
- ماذا تقولين؟! لكن آيــة فتسليم مشروعي غدا الساعة العاشرة.. كما أنني أريد أن أتفقده مع والدي، فهو خبير في الأمور التجارية..
- آسفة .. أسفـــة جدا.. لكن .. سأحاول أن أجد الأوراق قبل الغد.. أعدكِ بذلك...
- حسنا يا عزيزتي .. سأعتمد عليكِ..مع السلامة..
- مع السلامة..

أغلقت آية سماعة هاتفها النقال و يداها ترتجفان خوفا. فأنها ليست على يقين عن مكان الأوراق. و عضت شفتيها الملونتان بحمرة شديدة الاحمرار التي تبرزان بشرتها البيضاء الصافية و هي تفكر عن طريقة لتجد الأوراق الضائعة. و بدأت تحدث نفسها: " في ذلك اليوم الذي أعطتني أمل مشروعها .. أذكر انني اصطدمت بزميلي في الصف.. لا أذكر اسمه .. كل ما أذكره وجهه الخجول.. و حين عاد و قال لي ان بعض من أوراقه قد اختلطت مع أوراقي.. أيعقل؟! أنه هو؟! نعم.. لقد أعطيته بعض من الأوراق متناسية ان بعضها هي أوراق مشروع أمل.."
صفعت خدها الذي تزينها شامتين بالكاد تبينان. " يا لي من بلهاء؟! كيف لي أن أجده الآن؟! "
بدأت تقدم خطواتها نحو السوق الذي أمامها و هي تفكر و رفعت رأسها لتجد أمامها " مقهى الانترنت!" و بدأت تحدث نفسها ثانية ، عذرت آية لذلك.. فأنها لا تجد من تبوح له لأفكارها.. فأن تحدث نفسها طوال الوقت فهذا أفضل عمل تقوم به. " نعم ... بريد الكتروني للجامعة .. سأرسل له رسالة الكترونية و أسأله عنه.." هرعت مسرعة نحو باب مقهى الانترنت و حين جلست أمام إحدى شاشات الحواسيب، عادت تفكر ثانية: " لما لم أفكر عن تلك النقطة؟! كيف له ان يقرأ البريد الآن.. كما انني لا أذكر اسمه .. لقد نطقت باسمه ذات مرة ..! لكن كيف لي ان أتذكره ..ذاكرتي ضعيفة جدا..! كما أنني جائعة!" ..و فكرت ان تذهب لتشتري لها بعض من الطعام.

  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS
Read Comments

0 التعليقات: